في إنجاز فني جديد يضاف إلى سجل الإبداع الفلسطيني، أعلنت مؤسسة الكرمل للإنتاج الفني في العاصمة السويدية ستوكهولم الانتهاء من إنتاج أول فيلم فلسطيني مخصص للأطفال بالاعتماد الكامل على تقنيات الذكاء الصناعي، يحمل عنوان «اللجوء إلى المدرسة»، وتبلغ مدته خمس عشرة دقيقة، ليشكل بذلك خطوة ريادية غير مسبوقة في مجال الرسوم المتحركة الفلسطينية.
الفيلم من تأليف الكاتب والسيناريست مصطفى قاعود، وإخراج محمد السهلي، المخرج الفلسطيني المقيم في السويد، الذي استطاع أن يدمج بين الحس الإنساني العميق والتطور التقني المعاصر، مقدّماً عملاً يزاوج بين الفن والتكنولوجيا، ويعبّر عن قضية اللاجئين بعيون الطفولة وبلغة بصرية نابضة بالأمل.
سيُعرض الفيلم للمرة الأولى في مدينة يوتبوري (غوتنبورغ) يوم 18 أكتوبر الجاري، ضمن فعاليات مهرجان «القراءة بلغات عدة»، وهو أحد المهرجانات الثقافية الموجهة للجاليات المتعددة الثقافات في السويد، ثم يُقدَّم عرضه الرسمي في ستوكهولم يوم 24 أكتوبر خلال فعاليات معرض ستوكهولم للكتاب العربي، في خطوة تؤكد الاهتمام الأوروبي المتزايد بالفن الفلسطيني وبالقضايا الإنسانية التي يجسدها.
يتناول الفيلم بأسلوب بصري مؤثر قصة طفل فلسطيني لاجئ يعيش رحلة يومية شاقة للوصول إلى مدرسته في مخيم اللجوء، وسط تحديات الحياة القاسية، لكنه يتمسك بحلمه في التعلم والنجاح. ومن خلال مشاهد رمزية ولغة سينمائية بسيطة يسهل على الأطفال فهمها، يبعث الفيلم برسالة عميقة مفادها أن التعليم هو طريق التحرر، وأن الطفولة الفلسطينية رغم ما تعانيه، تظل متمسكة بحقها في الحياة والمعرفة.
يعد هذا العمل الثاني للمخرج محمد السهلي في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لصناعة الفيلم السينمائي، بعد تجربته السابقة «الأمل آخر من يموت»، الذي تناول قصصًا حقيقية من معاناة الفلسطينيين في المنفى، ولاقى إشادة في الأوساط الثقافية العربية والأوروبية. ويؤكد السهلي أن استخدام الذكاء الصناعي في إنتاج أفلام فلسطينية ليس غاية في ذاته، بل وسيلة لتجاوز العقبات المادية التي تواجه صناع السينما الفلسطينيين في الداخل والشتات، ولتقديم أعمال قادرة على الوصول إلى جمهور عالمي.
وفي تصريحات لمؤسسة الكرمل، أوضح فريق العمل أن الفيلم يشكّل بداية لسلسلة من أفلام الرسوم المتحركة التي تخطط المؤسسة لإنتاجها في السنوات المقبلة، ضمن مشروع شامل يهدف إلى إثراء المحتوى البصري الموجه للأطفال الفلسطينيين والعرب، وتقديم قصص تُعرّف الأجيال الجديدة بتاريخهم وتراثهم، بأساليب حديثة تواكب التطور الرقمي العالمي.
ويأتي هذا التوجه في ظل الاهتمام الدولي المتزايد بإنتاجات الذكاء الصناعي في مجال الفن، حيث بدأت عدة مؤسسات عربية في استكشاف الإمكانات الإبداعية لهذه التقنيات، لكن يبقى الفيلم الفلسطيني الجديد هو الأول من نوعه الذي يكرّس الذكاء الصناعي لخدمة قضية إنسانية ووطنية في آنٍ.