حسين كوراني ـ خاص موقع أوراق
بات معلومًا أن جولات نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس على المسؤولين اللبنانيين هدفها تطويق لبنان وشعبه بالشروط الإسرائيلية المدعومة أميركيًا وإخضاعه بكلّ مكوناته لسياستها، التي تفتقر إلى النزاهة بين المعتدي والمعتدى عليه.
والواضح، حسب تصريحات أورتاغوس، أن إدارتها تسعى أن تعطي الكيان الصهيوني ما لم يستطع أن يأخذه في عدوانه الهمجي على لبنان، وأن تدفع هذا الأخير إلى أن يرفع يديه مستسلمًا للضغوط التي تمارسها بحقه.
وإذا تعذر على لبنان فعل ذلك، فإن الفتنة الداخلية واشعال الحرب الأهلية جاهزة من خلال أدواتها، أمثال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ومن لف لفّه من أدوات المشروع الأميركي المأجورة، التي بدأت تضغط باتّجاه تنفيذ المطالب الأميركية والانقلاب في مواقفها على رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، الساعي إلى الالتزام بالقرارات الدولية وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها من دون أن يعرّض لبنان لمخاطر الانقسامات والفتن الداخلية.
ومع أن الموقف الأميركي بدأ يتخبط في ما يطلبه من لبنان تحديدًا، وهذا ما بدا من محادثات أورتاغوس مع مسؤوليه خلال زيارتها الأخيرة إلى بيروت. ومراد ذلك أن واشنطن لم تجد لدى اللبنانيين الاستعداد للتضحية بوطنهم وشعبهم وإدخالهم في آتون فتنة لا تبقي ولا تذر في سبيل إرضاء الصلف والغرور الأميركي.
ولا شك في أن ما تطلبه أميركا من لبنان لا يراعي خصوصياته وحساسياته وتوازناته، كونها تنظر إليه بعين واحدة أو من العين الإسرائيلية، وتتحدث عن الشيء ونقيضه، فتؤكد على نزع سلاح حزب الله لتتمكّن الدولة من بسط سلطتها على كامل أراضيها بقواها الذاتية، وتغض الطرف في الوقت نفسه عن الاحتلال "الإسرائيلي" الذي ينتهك السيادة اللبنانية برًا وبحرًا وجوًا ويستمر في عدوانه الوحشي اليومي.
لذلك، فقد حرص رئيس الجمهورية العماد جوزف عون على أن يأخذ الأمور بصدره، لجهة المواجهة والتمسك بالأولوية اللبنانية المتمثلة بالانسحاب "الإسرائيلي" ووقف العدوان وإطلاق الأسرى وترسيم الحدود ومن ثمّ معالجة موضوع سلاح المقاومة والذي قرر عون فتح حوار مع الحزب بشأنه وحول إستراتيجية الدفاع الوطني التي تحافظ على حضور وقوة لبنان.
وكما هي العادة فقد انقسم اللبنانيون حول قرار الرئيس عون بين أكثرية داعمة لعلمها المسبق بالمخاطر التي قد تواجه لبنان في حال كان التوجّه هو تنفيذ الرغبة الأميركية ـ الإسرائيلية بنزع سلاح حزب الله بالقوّة، أو عبر الجيش ومن دون حوار، خصوصًا أن الحزب أعلن عن كثير من الإيجابية والانفتاح على كلّ الطروحات وهو ما يزال يلتزم بوقف إطلاق ولم يطلق أي رصاصة رغم كلّ الاعتداءات والاستفزازات الإسرائيلية، وبين أقلية تتزعمها القوات اللبنانية التي تنصب نفسها "شرطيا أميركيًا" تنقلب على كلّ من يخالف التوجّهات الأميركية وتنظم مضبطة اتهام بكلّ من يتحدث بعقلانية ومنطق عن كيفية سحب سلاح المقاومة من نائب رئيس الحكومة طارق متري إلى وزير الثقافة غسان سلامة، إلى سائر الوزراء.
وهذا ما يؤكد أن حقد القوات التاريخي على المقاومة يدفعها إلى التطوع لممارسة كلّ أنواع الضغط والتحريض والاستفزاز لتجريدها من سلاحها مهما كان حجم التداعيات وكارثيتها على البلاد والعباد.