الشعر الفلسطيني امتداد لواقعه؛ مقولة تختصر كتاب الباحثة الفلسطينية دعاء البياتنه "السرد في الشعر الفلسطيني المعاصر (2000-2010)"، الصادر حديثًا عن دار ابن رشيق. ويتناول الكتاب تلقي الشعر الفلسطيني للواقع، ضمن بحثٍ اختصاصي يناقش العلاقة بين الأشكال الأدبية، في الأدب الفلسطيني.
تقارب الباحثة في 269 صفحة، موزعة على ثلاثة فصول، مجموعة من الأسئلة حول نزوع الشعر الفلسطيني إلى السرد، والتقنيات السردية التي وظّفها، وأثر هذا التوظيف في بنية القصيدة، ثم تبحث في دلالاته. وتعتمد في دراستها على عدد من المجموعات الشعرية الصادرة بين 2000 و2010، لرصد تحولات البنية الشعرية في استخدامها للسرد وتقنياته. ومن الشعراء الذين تناولتهم الدراسة: عز الدين المناصرة، وشهلا الكيالي، وفاتن مصاروة، وخالد الشوملي، ووفاء جعبور، وعبد الله أبو شميس، وصلاح أبو لاوي، وزهير أبو شايب.
يستعرض الفصل الأول "تداخل السرد والشعر"، الملامح العامة للشعر الفلسطيني منذ مطلع القرن العشرين حتى أواخره، في موضوعاته وبنائه الفني، ويتناول أسباب ومظاهر تداخل السرد مع الشعر. أما الفصل الثاني "العناصر والتقنيات السردية في الشعر الفلسطيني المعاصر"، فيحلل العناصر القصصية والمسرحية الموظفة شعريًا، ويتوقف الفصل الثالث "النزعة الملحمية في الشعر الفلسطيني المعاصر" عند نماذج قصائد طويلة ذات بناء ملحمي، باختيار أعمال لمحمود درويش، ومريد البرغوثي، وسميح القاسم، إلى جانب قصائد شبه طويلة ذات نزوع ملحمي لشعراء مثل خالد أبو خالد، ومريم الصيفي، ويوسف عبد العزيز، وعبد الله رضوان.
تخلص الدراسة إلى مجموعة من الاستنتاجات، منها أن لجوء الشاعر الفلسطيني إلى السرد، كان استجابة للمتغيّرات الاجتماعية والسياسية، كما أن انفتاح الشعر على الأجناس الأدبية الأخرى، تحقق عبر استلهام عناصر من المسرح والرواية والسينما، كالحوار وتيار الوعي والمونتاج، كما صارت الصورة الشعرية أكثر اعتمادًا على المشهد البصري، إلى جانب توظيف الشعراء الفلسطينين شخصيات تاريخية وتراثية واجتماعية، واستعارة الأساطير والحكايات والألفاظ العامية والأناشيد الشعبية في قصائدهم.
يبقى أن الدراسة تشير إلى اختفاء صورة "البطل المنتصر" في القصائد الطويلة المكتوبة في الفترة التي تبحثها، تفصيل ينسجم مع منطق الأدب الواقعي، ما يظهر أن مفردات القصيدة الفلسطينية المعاصرة، خرجت من الواقع، مهما بدا أنها استلهمت الأسطورة.