محمد الجنون (لبنان 24)
بثقة كبيرة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّ حرب غزّة انتهت، واصفًا يوم 13 تشرين الأول الجاري بـ"التاريخي".
خطاب ترامب الذي زار "إسرائيل" رسّخ "سلامًا نسبيًا" في غزّة، لكن ماذا عن لبنان؟ ولماذا وضع ترامب ثقله الكبير لإنهاء حرب غزّة بينما هي مستمرة في لبنان؟ هل يعني ذلك أنّ بيروت مهمشة عن جدول الأعمال الأميركي لـ"التهدئة"؟
خلال العام 2024، وعندما كان حزب الله يخوض "حرب الإسناد" لغزّة، وضعت أميركا "ثقلًا" في لبنان. الأمر بدأ من عند الوسيط الأميركي السابق آموس هوكشتاين ثمّ انتقل إلى مورغان أورتاغوس ومن ثمّ إلى توماس برّاك. مع الوسطاء الثلاثة، لم تنتهِ "حرب لبنان"، بل ترسخت أكثر، وبات لبنان أمام حرب يومية، حتّى ولو لم تكن موسعة.
الواقع هذا بات يفرضُ نفسه بقوّة على المشهد، بينما أميركا لم تُعط الضوء الأخضر لإنهاء حرب "إسرائيل" ضدّ لبنان أو ما يُسمّى بـ"الضربات المحدودة".
تقول مصادر سياسية لـ"لبنان24" إنه كان بإمكان ترامب، مثلما أعلن انتهاء حرب غزّة، أن يسعى لذلك أيضًا تجاه لبنان، لكن هناك أشياء تمنعه عن ذلك رغم قوله أمس من قمة شرم الشيخ للسلام إنّ "حزب الله خنجرٌ ضرب "إسرائيل" وتم إنهاؤه"، مشيرًا إلى أن الرئيس اللبناني جوزاف عون يعملُ على سحب السلاح وحصره بيد الدولة"، وأضاف: "نحن ندعم عون، وهناك أمور جيّدة تحدث في لبنان".
وفق المصادر، فإنه في غزّة ما زالت "حماس" موجودة ولم تنتهِ، بينما "إسرائيل" كانت تتحدث عن أنها لن تنهي الحرب قبل القضاء القيادة السياسية والعسكرية للحركة.
ها هي الحرب انتهت و"حماس" صامدة رغم الخسائر الكبيرة التي مُنيت بها والتفاوض حصل معها لإنهاء الحرب، وفق ما يقول مصدر فلسطيني لـ"لبنان24".
أما في لبنان، فـحزب الله تضرر بشكل كبير خلال الحرب "الإسرائيلية" الأخيرة.. قياداته الأساسية تم اغتيالها، و"إسرائيل" فرضت احتلالًا على 5 تلال في جنوب لبنان. في المقابل، فإن الأسرى اللبنانيين ما زالوا في سجون "إسرائيل" بينما تمكّنت "حماس" من تحرير أسرى فلسطينيين وإنجاز صفقة تسليم الرهائن.
أما على صعيد سلاح "حماس"، فلا يبدو أن آفاق نزعه واضحة، بينما في لبنان هناك خطوات فعلية على صعيد الدولة لنزع سلاح حزب الله وباقي الأسلحة غير الشرعية الأخرى.. والسؤال هنا، لماذا لم تنتهِ الحرب إذا كان كلّ ذلك قائمًا؟ لماذا لم تنتهِ الحرب في حال تمّ إنهاء حزب الله كما قال ترامب؟ ما الحجّة لاستمرارها؟ تسأل المصادر السياسية.
في قراءة لما بين السطور، يظهرُ بشكل واضح أنّ "إسرائيل" ما زالت ترى أن تهديد حزب الله يفوق بكثير تهديد "حماس".
بحسب المصادر، صحيحٌ أن الأخيرة بادرت يوم 7 تشرين الأول 2023 إلى شن هجوم كبير على "إسرائيل"، لكن الحرب الأخيرة على غزّة جعلت الواقع متغيرًا هناك.
أيضًا، صحيح أن "حماس" كسبت جزءًا من الرهان، لكنّها في الوقت نفسه، وفق المصادر، تحتاجُ الكثير لإعادة بناء نفسها، بينما الحصار عليها سيبقى مستمرًا لحين تسليم سلاحها ولكن من دون حرب موسعة، مع أن مسألة الهجمات "الإسرائيلية" الموضعية "غير مستبعدة" بين الحين والآخر.
إضافة إلى ذلك، فإن المؤشرات العسكرية من غزّة توحي بأن التهديد لم يعد كبيرًا، بينما في لبنان الأمر مُختلف.
ما يظهر فعليًا، بحسب المصادر، هو أنه لدى حزب الله سلاح لم يُستخدم بعد رغم الأضرار الكبيرة التي مُني بها، كما أنّ وسائله الحربية المختلفة لم تختفِ تمامًا، ما يجعلُ تهديده لـ"إسرائيل" قائمًا.
وعلى هذا الأساس، سيبقى حزب الله يستخدم أوراقه للالتفاف على قرار الدولة بحصر السلاح، ما يضع قرار السلم والحرب مجددًا في مهب الريح.
ولكن ماذا يعني هذا الأمر؟ هل ستندلع الحرب مُجددًا؟ يبدو أن السيناريو هذا وارد، خصوصًا أن إيران تدفع أكثر نحو تقوية الحزب.
هنا، يقول قيادي سياسي في حزب مناوئ لـحزب الله إن طهران أيضًا تُحاول تقوية نفوذها مُجددًا انطلاقًا من لبنان، ولهذا لا تريد التضحية بـحزب الله الآن، فالاستثمار به ينفعها، ولهذا فإن أميركا قد لا تُنهي معركتها مع طهران في لبنان طالما إن الأخيرة موجودة فيه، ما يعني استمرار النزاع على أرض بلاد الأرز.